responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 121
وَمَعْنَى «بَرَّأَهُ» أَظْهَرَ بَرَاءَتَهُ عَيَانًا لِأَنَّ مُوسَى كَانَ بَرِيئًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْذُوهُ بِأَقْوَالِهِمْ فَلَيْسَ وُجُودُ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ مُتَفَرِّعَةً عَلَى أَقْوَالِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَظْهَرَهَا عَقِبَ أَقْوَالِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ بَرَاءَتَهُ مِنَ التَّغْرِيرِ بِهِمْ إِذْ أَمَرَهُمْ بِدُخُولِ أَرِيحَا فَثَبَّتَ قُلُوبَهُمْ وَافْتَتَحُوهَا وَأَظْهَرَ بَرَاءَتَهُ مِنَ الِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ إِذْ أَظْهَرَ مُعْجِزَتَهُ حِينَ ذَبَحُوا الْبَقَرَةَ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِذَبْحِهَا فَتَبَيَّنَ مَنْ قَتَلَ النَّفْسَ الَّتِي ادَّارَأُوا فِيهَا.
وَأَظْهَرَ سَلَامَتَهُ مِنَ الْبَرَصِ وَالْأُدْرَةِ حِينَ بَدَا لَهُمْ عُرْيَانًا لَمَّا انْتَقَلَ الْحَجْرُ الَّذِي عَلَيْهِ ثِيَابُهُ. وَمَعْنَى: «بَرَّأَهُ مِمَّا قَالُوا» بَرَّأَهُ مِنْ مَضْمُونِ قَوْلِهِمْ لَا مِنْ نَفْسِ قَوْلِهِمْ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ قَدْ حَصَلَ وَأُوذِيَ بِهِ وَهَذَا كَمَا سَمَّوُا السُّبَّةَ الْقَالَةَ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ [مَرْيَم:
80] ، أَيْ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَقَالُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَداً [مَرْيَم: 77] أَيْ نَرِثُهُ مَالَهُ وَوَلَدَهُ.
وَجُمْلَةُ وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً مُعْتَرِضَةٌ فِي آخِرِ الْكَلَامِ وَمُفِيدَةٌ سَبَبَ عِنَايَةِ اللَّهِ بِتَبْرِئَتِهِ.
والوجيه صفة مشبهة، أَيْ ذُو الْوَجَاهَةِ. وَهِيَ الْجَاهُ وَحُسْنُ الْقَبُولِ عِنْدَ النَّاسِ. يُقَالُ:
وَجُهَ الرَّجُلُ، بِضَمِّ الْجِيمِ، وَجَاهَةً فَهُوَ وَجِيهٌ. وَهَذَا الْفِعْلُ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاسْمِ الْجَامِدِ وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لِلْإِنْسَانِ، فَمَعْنَى كَوْنِهِ وَجِيهًا عِنْدَ اللَّهِ أَنَّهُ مَرْضِيٌّ عَنهُ مَقْبُول مغْفُور لَهُ مُسْتَجَابُ الدَّعْوَةِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [45] ، فَضُمَّهُ إِلَى هُنَا. وَذِكْرُ فِعْلِ كانَ دَالٌّ عَلَى تَمَكُّنِ وَجَاهَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَهَذَا تَسْفِيهٌ لِلَّذِينِ آذَوْهُ بِأَنَّهُمْ آذَوْهُ بِمَا هُوَ مبرأ مِنْهُ، وتنويه وَتَوْجِيهٌ لِتَنْزِيهِ اللَّهِ إِيَّاهُ بِأَنَّهُ مُسْتَأْهِلٌ لِتِلْكَ التَّبْرِئَةِ لِأَنَّهُ وَجِيهٌ عِنْدَ اللَّهِ وَلَيْسَ بخامل.
[70، 71]

[سُورَة الْأَحْزَاب (33) : الْآيَات 70 إِلَى 71]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)
بَعْدَ أَنْ نَهَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَمَّا يُؤْذِي النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَبَأَ بِهِمْ عَنْ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 22  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست